هجمات شمال البحر الأحمر.. منطقة “مخاطر عالية” جديدة تضيق الخناق على الشحن المرتبط بإسرائيل
سبتمبر 5, 2025
تلقت حركة الشحن المرتبطة بإسرائيل ضربة جديدة في البحر الأحمر بعد أن وسعت القوات المسلحة اليمنية مساحة منطقة المخاطر العالية على هذه السفن، من خلال ما بات واضحا أنه مسار تصعيدي جديد تم تدشينه بعمليتين نوعيتين استهدفتا سفينتين مرتبطتين بإسرائيل قبالة سواحل ينبع وجدة في السعودية، وهو ما أجبر قطاع الأمن البحري على إعادة النظر في تقييماته بشأن مخاطر البحر الأحمر بالنسبة لهذه السفن.
ضرار الطيب-الخبر اليمني:
خلال الأسابيع الماضية كان قائد “أنصار الله” السيد عبد الملك الحوثي قد أشار إلى تنفيذ عمليات بحرية في أقصى شمال البحر الأحمر، وهي عمليات لم تكشف القوات المسلحة اليمنية عن تفاصيلها، لكن يوم الاثنين الماضي تم الإعلان عن استهداف سفينة (سكارليت راي) المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي عيدان عوفر بصاروخ باليستي حقق إصابة دقيقة، وهو ما شكل مفاجأة بالنظر إلى الموقع الذي كانت تتواجد فيه السفينة قبالة (ينبع) السعودية، شمالي البحر الأحمر، وقد تضاعف وقع هذه المفاجأة بهجوم آخر استهدف سفينة (إم إس سي أبي) قبالة جدة في اليوم التالي.
قبل هذه الهجمات كانت شركات الأمن والتأمين البحري قد حددت المنطقة الجنوبية من البحر الأحمر (قبالة السواحل اليمنية الغربية وحتى باب المندب إلى خليج عدن) على أنها منطقة المخاطر العالية للسفن التي تنتمي إلى ملف الأهداف اليمنية، نظرا لتركز معظم الهجمات المدمرة في هذه المنطقة، وهو ما تسبب بارتفاعات متكررة لأقساط التأمين على هذه السفن، حتى وصلت العام الماضي إلى 2% من قيمة السفينة على كل عبور لهذه المنطقة.
وبرغم أن هجمات القوات المسلحة اليمنية سابقا لم تتقيد تماما بهذه المنطقة، حيث تم تنفيذ عمليات في البحر العربي وحتى في المحيط الهندي وعمليات مشتركة مع المقاومة العراقية في البحر المتوسط، فإن استهداف السفينة (سكارليت راي) أحدث هزة خاصة ومفاجئة باعتباره “اتساعا لنطاق العمليات” حسب لارس جنسن، المسؤول السابق في (ميرسك) والرئيس التنفيذي لشركة (فيسبوشي ماريتايم) الاستشارية، كما تم اعتباره “أبعد هجوم باتجاه شمال البحر الأحمر” حسب مركز المعلومات المشترك التابع للقوات البحرية الدولية (CMF)، والذي حرص هذا الأسبوع على تذكير شركات الشحن بأن “الحوثيين يمتلكون القدرة على استهداف السفن التجارية في عمق البحر الأحمر وخليج عدن” وفقا لأحدث مذكرات المركز.
ولتوضيح سبب النظرة إلى الهجمات الجديدة كتصعيد جديد، ذكرت شركة (دراياد غلوبال) البريطانية لإدارة المخاطر اليوم أن “الجزء الشمالي من البحر الأحمر كان يُعتبر طريق عبور أقل خطورة مقارنةً بباب المندب والممر الجنوبي، إلا أن الهجوم على سفينة (سكارليت راي) يؤكد اتساع نطاق عمليات الحوثيين” لافتة إلى أن “الآثار المترتبة على ذلك عميقة” ومنها أن “السفن التابعة لإسرائيل الآن مستبعدة بالكامل تقريبًا من المرور الآمن عبر البحر الأحمر”.
هذا التعليق يشير إلى أن دقة الإصابة كانت عاملا مهما في تقييم الهجوم، حيث يبدو أن التقييم السابق للمخاطر كان يعتمد على فرضية صعوبة تنفيذ هجمات دقيقة ومدمرة في تلك المنطقة، وربما بالإضافة إلى فرضيات أخرى تتعلق بوجهات السفن المخالفة التي تعبر تلك المنطقة، حيث بدا من خلال أهداف الهجمات الجديدة أن هذه السفن تقصد السعودية بشكل أساسي، وهو ما يجعل منطقة الخطر السابقة (جنوب البحر الأحمر) خارج مسار الرحلة أصلا، لأن السفن تعود من موانئ جدة وينبع إلى قناة السويس مباشرة.
يثير هذا تساؤلا حول ما إذا كانت القوات المسلحة قد استخدمت سلاحا جديدا لتوسيع منطقة الاستهداف الدقيق -وليس نطاق التهديد فقط- للسفن المرتبطة بإسرائيل، لكن بانتظار الإجابة على هذا التساؤل، من الواضح أن القوات المسلحة اليمنية قد اتخذت قرار استهداف السفن المخالفة التي تعبر منطقة شمال البحر الأحمر، وقد مثل الهجوم على سفينة (إم إس سي أبي) قبالة جدة يوم الثلاثاء إجابة واضحة على تساؤلات قطاع الأمن البحري، بما في ذلك شركة (فانغارد) البريطانية لإدارة المخاطر، حول ما إذا كانت هذه استراتيجية تصعيد أوسع أم أن استهداف السفينة السابقة كان مجرد حادثة معزولة. وقد كشف استخدام مزيج من الصواريخ والمسيرات في العملية الثانية عن إصرار واضح على إصابة السفينة وليس فقط تهديدها.
عندما أعلنت القوات المسلحة اليمنية مؤخرا عن المرحلة الرابعة من الحصار، علق بعض خبراء الأمن البحري بأن ذلك لا يغير الكثير، نظرا لأن معظم الشركات التي تتعامل مع موانئ إسرائيلية تتجنب بالفعل باب المندب، لكن ماذا عن الجهة الأخرى من البحر الأحمر؟
تقول مجلة “لويدز ليست” البريطانية المتخصصة في شؤون الملاحة البحرية إن الهجوم على سفينة (سكارليت راي) يسلط الضوء على ما وصفته بـ”مخاطر شمال البحر الأحمر” وهو ما يشير إلى أن قطاع الأمن البحري ينظر إلى منطقة مخاطر جديدة تتشكل حاليا بسرعة، الأمر الذي ينذر بأقساط تأمين مرتفعة على عبور هذه المنطقة، بشروط مماثلة لتلك التي فرضتها لجنة الحرب المشتركة (لجنة تمثل أسواق التأمين البحري في لندن) بشأن عبور المنطقة الجنوبية للبحر الأحمر، والتي تنص على أن أقساط تأمين المخاطر لعبور هذه المنطقة يجب أن تدفع بشكل منفصل قبل الرحلة، إذا وافقت شركة التأمين، وإذا لم توافق سيتحمل مشغلو السفينة الخسائر كاملة كما حدث مع سفينة (إتيرنتي سي).
وكما ذكرت (دراياد غلوبال) سيترتب على ذلك في النهاية ابتعاد جميع السفن التي لديها أي روابط بإسرائيل أو بشركات تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية من البحر الأحمر بأكمله، الأمر الذي يعزز واقع سيطرة القوات المسلحة اليمنية -فعليا- على الممر المائي، ويعيد ضبط الأمن البحري في المنطقة على ميزان العقوبات اليمنية المفروضة على إسرائيل، وهو تغير جيوسياسي واستراتيجي هائل يستند إلى حقيقة هزيمة البحرية الأمريكية أمام صنعاء.
The post هجمات شمال البحر الأحمر.. منطقة “مخاطر عالية” جديدة تضيق الخناق على الشحن المرتبط بإسرائيل first appeared on الخبر اليمني.